البحر

السلام عليكم

منذ فترة ولم اكتب موضوع بهدوء...من ايام خلف التلال وتحت ضوء القمر

وها انا قد قررت أن اختلي بنفسي

وجلسة علي شاطئ البحر

علي كورنيش الاسماعيلية الجديد المطل علي بحيرة التمساح الهادئة

في منتصف الليل...وكأني في ساعة ذروة

تختلط اصوات الناس في مزيج جميل مبهج...فها هو صريخ الاطفال وبكائهم

وها هو زوج يعنف زوجته علي إهمالها لترك الطفل

وينادي بائع الشاي ليلفت نظر الناس ويزكرهم بوجوده

ويضع جانبه كاسيت متهالك تخرج منه اصوات موسيقي صاخبة وكلمات غير مفهومة لا أدري إن كان صاحبها مطرب ام مطربة

ويتحرك بخفة ونشاط وابتسامة خفيفة بائع الفيشار بين جموع المواطنين علي الشاطئ

الكل سعيد ومبتهج....مستمتع بنفحات الهواء التي تمر علي استحياء مشفقة علي الناس تستأذن الحر الشديد والرطوبة في التخفيف عنهم

يجلس هذان الصديقان معا علي يميني يتهامسان ثم يقهقهان بصوت عالي بعد ان يطلق احدهما قفشة او مزحة خفيفة

ويجلس اعلي الشاطئ زوجان في سن ربيع العمر....ينظران في شرود الي البحر ثم تلتفت الزوجة من حين لآخر محدثة الزوج ببضعة كلمات..فينظر اليها ويتبادل معاها اطراف الحديث بمودة وحب قد اصلته السنين

ويأتي طفل جميل ممسكا بحجر ليلقيه في الماء معكرا صفوه ويبتسم ويقهقه لذلك...ومن الخلف تصيح امه عليه متوعده إياه بعقاب شديد بسبب التوجه دون إذن للشاطئ

واسمع خلف ظهري اقدام صغيرة خفيفة تهرول بسرعة مطلقة ضحكة خفيفة وصراخ المداعبة وإذا بطفلة تجري من والدها الذي يجري خلفها ويحمل اخوها الصغير ويهددها بعدم المجئ الي الشاطي في الغد ما دامت لا تسمع الكلام

واقصي شمال الكورنيش يتسلل شاب في مقتبل العشرينات...تبدوا علي وجهه علامات القلق وعدم الارتياح....ملتفتا يمينا ويسارا ناظرا حوله...جذبني حاله وتابعته خلسة بفضول...فإذا به ينزوي معطيا ظهره لنا ناظرا الي الصخور التي في اقصي اليسار....ثم يلتفت الينا مرة اخري وتبدو علي وجهه علامات الارتياح وهو ممسكا بحزام سرواله يشده علي وسطه ويحكم غلقه ويهندم ملابسه ويعود الي اصدقائه مرة اخري...مخلفا بقعة كبيرة من الماء كريه الرائحة علي الصخرة التي كان في مواجهتها

ولا يختلف حال من هم فوق صفحة الماء الجميل

مراكب الصيادين الصغيرة وعليها اصحابها تشتكي ايديهم تعب التجديف...وتأبي اعينهم الا ان تشارك الناس فرحتها وبهجتها

ويطغي علي تعبه فرحته برزق الله الكريم له من السمك الذي يتلاعب في الطاولات المخصصه لحفظه

ويقترب اخر من الشاطي يعرض بضاعته علي رواد الشاطي ويجملها ويتعالي صوت البيع والشراء بين الصيادين والمشتريين

وتذهب النساء لتشتري اصناف الاسماك الطازجة ويدفع الرجال المساكين دون اي مقاومة

اما تحت صفحة الماء الهادئة تقفز من حين لأخر احد الاسماك في رشاقة ودلال وكانها تنبه الجميع بان تحت الماء احتفالا اخر وبهجة اخري......وتقفز اخري وسط صراخ الاطفال الذين يفاجأهم المنظر فيصرخون منبهين بعضهم حالفين بأغلظ الايمان علي أنهم شاهدوا السمكة تقفز خارج الماء...وياتي من فاته المنظر متحسرا ناظرا الي الماء محدقا فيه لعله يفوز بهذا المنظر الذي لا يصدقه عقله الصغير

وكأن السمكة تشعر به وتأبي ان يمشي الطفل الا وقد شاهدها

فتخرج له قافزة برشاقة وبخفة ويصرخ الطفل مصفقاً علي فوزه بهذا المنظر الممتع

واجدني ابتسم معهم واضحك في نفسي...متمنيا العودة الي عالمهم والجري واللعب والقاء الاحجار في الماء....

ويمر الوقت دون اي ملل...وما زالت الحياة تدب علي الكورنيش وعلي شاطئ

ما أجمل التأمل في نعم الله عز وجل

وما أجمل البحر الذي يسلب الجالس امامه وكأنه مخلوق ذو قلب ينبض بحب من ينظر اليه

عجيب انت ايها البحر

ولكني احبك واحب الجلوس وحيدا علي شاطئك

انتهت

كلمتين وبس

الاجازة خلصت